شعر للامام الشافعي

ففي الناس أبدال وفي الترك راحةٌ وفي القلب صبر للحبيب ِ وإن جفا

فما كل من تهواه ُ يهواك قلــبه ولا كل من صافيتــه لك قد ْ صفا

إذا لم يكن صفو الوداد طبــيعةً فلا خــير في ود يجـيء ُ تكـلفا

ولا خيرَ في خــل يخون ُ خليله ويلقاه من بعد المـــودة بالجـفا

وينكر عيــشا قد تقـادم َ عهده ويظهر ســراً كان بالأمس قد خفا

سلام على الدنيا إذا لم يكن ْ بـها صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعد منصفا

روي ياقوت الحموي فقال: بلغني أن رجلا جاء الشافعي برقعة فيها:


ســل المفتــي المكـي مـن آل هاشـم

إذا اشتـد وجد بالفتى ماذا يصنع؟

فكتب الشافعي تحته...


يــداوي هــواه ثــم يكتـــم وجـــده

ويصبــر فـــي كــل الأمـور ويخضـــع

فأخذها صاحبها ثم ذهب بها ثم جاءه وقد كتب تحت بيته هذا البيت:


فكيف يداوي والهوى قاتل الفتى

وفـــي كـــل يـــوم غصــــة يتجـــرع

فكتب الشافعي :


فإن هو لـم يصبــر علــى مـــا اصابــه

فليــس لــه شيـئ سوى الموت انفع

قالوا سكت وقد خوصمت فقلت لهم
إن الجواب لباب الشر مفتاح

الصمت عن جاهلِ أو أحمقِ شرفٌ
وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح

أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة؟؟
والكلب يخسى لعمري وهو نباح ؟

......................

يريد المرءُ أن يعطى مناه
ويأبى الله إلا ما أرادا

يقول المرء فائدتي ومالي
وتقوى الله أفضل ما استفادا

......................

إذا لم أجد خلاً تقياً فوحدتي
ألذ وأشهى من غوىٍّ أعاشرة

وأجلس وحدي للعبادة آمناً
أقر لعيني من جليس أحاذره

......................

يا واعظ الناس عما أنت فاعله
يامن يعد عليه العمر بالنفس

احفظ لشيبك من عيبِ يدنسه
إن البياض قليل الحمل للدنس

كحاملٍ لثياب الناس يغسلها
وثوبه غارقٌ في الرجس والنجس

تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها
إن السفينة لا تجري على اليبس

ركوبك النعش ينسيك الركوب على
ماكنت تركب من بغل ومن فرس

يوم القيامة لا مال ولا ولد
وضمة القبر تنسي ليلة العرس

......................

شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نورٌ
ونور الله لا يهدى لعاصي

......................

تموت الأسد في الغابات جوعاً
ولحم الضأن تأكله الكلاب

وعبدٌ قد ينام على حرير
وذو نسب مفارشه التراب

......................

تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوعٌ
من التوبيخ لا أرضى استماعه

وإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تجزع إذا لم تُعط طاعه

......................

المرء إن كان عاقلاً ورعاً
أشغله عن عيوب غيرة ورعه

كما العليل السقيم أشغله
عن وجع الناس كلهم وجعه

......................

تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا محالٌ في القياس بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع

في كل يوم يبتديك بنعمةٍ
منه وانت لشكر ذاك مضيع

......................

ولا تعطين الرأي : من لا يريده
فلا أنت محمودٌ .. ولا الرأي نافعه

......................

رام نفعاً فضر من غير قصدٍ
ومن البر ما يكون عقوقا

......................

إذا المرء أفشى سرة بلسانه
ودل عليه غيرة فهو أحمق

إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي أودعته السر أضيق

......................

ما حك جلدك مثل ظفرك
فتول أنت جميع أمرك

وإذا بــُــــلــيــــت بــحـاجةِ
فاقصد لمعترفٍ بقدرك

......................

ومن الشقاوة أن تحب ومن تحب يحب غيرك

أو أن تريد الخير للإنسان وهو يريد ضيرك

......................

فسادٌ كبير عالم متهتك
وأكبر منه جاهل متنسك

هما فتنةٌ في العالمين عظيمة
لمن بهما في دينه يتمسك

......................

نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيبٌ سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا ..هجانا

فدنيانا التصنع والترائي
ونحن به نخادع من يرانا

يعاف الذئب يأكل لحم ذئب
ويأكل بعضنا بعضاً عيانا

......................

ومنزلة السفيه من الفقيه
كمنزلة الفقيه من السفيه

فهذا زاهدٌ في قرب هذا
وهذا فيه أزهد منه فيه

إذا غلب الشقاء على سفيه
تقطع في مخالفة الفقيه

......................

مرض الحبيب فعدته
فمرضت من حذري عليه

وأتى الحبيب يعودني
فبريت من نظري إليه